تمثل البذور الزيتية رهانات تلعب أدوارا متعددة، وتسمح في نفس الوقت بإنتاج الزيوت التي تشكل إحدى المواد الغذائية الأساسية للاستهلاك البشري وتوفير الأعلاف التي تعتبر منتوجات فرعة غنية بالبروتينات الضرورية لتغذية الماشية،وخاصة بالنسبة للدواجن الصناعية، وكذا تقديم عناصر محفزة لإقامة بنية تحتية صناعية تحويلية (طحن، تصفية).
يعرف المغرب عجزا مهما جدا (80%) من حيث الزيوت النباتية، وتقدر الحاجيات السنوية للبلاد من الزيوت الغذائية ب 350000 طن، بحيث لا يغطي الإنتاج الوطني سوى 20%، منها 10% من زيت الزيتون والباقي من البذور الزيتية وأهمها عباد الشمس. يترتب عن استيراد المواد الزيتية الخام نفقة سنوية من العملة تقدر بحوالي200 مليون دولار، منها 70% من الزيوت النباتية و30% من البذور الزيتية.
ولتدارك العجز في المواد الذهنية وفي البروتينات، تشجع مختلف بلدان العالم تطور الزراعة الزيتية السنوية. ففي المغرب، لم تتجاوز المساحة المخصصة لعباد الشمس 200000 هكتار (في 1992) بينما تمّ تقدير إمكانية الزراعات الزيتية السنوية بأزيد من 800000 هكتار. وتقدر حاليا المساحات المزروعة بعباد الشمس بأقل من 100000 هكتار.
وتهدف هذه النشرة إلى معاينة الوضعية الحالية لقطاع الزيتيات بالمغرب وتقييم إمكانيات توسيع وإنتاج الزراعات الزيتية في المناطق البورية والدوائر المسقية.
وضعية قطاع الزيتيات السنوية
الأصناف والمساحات
يعتب رعباد الشمس، والسلجم، والفول السوداني، والصوجة، والقرطم من أصناف الزيتيات السنوية الرئيسية المزروعة بالمغرب. فخلال الثلاث مــواسيم الأخـيرة (1995-1998) بلغت المساحات المزروعة من هـذه الأصناف 100000 هكتار لعباد الشمس، و25000 هكـتار للفـول السودانــي، و1000 هكتار للصوجة، و700 هكتار للسلجم. تعتبر مساهمة القطن الذي تحتوي بزرته على 18% من الزيوت غير مهمة في الوقت الحالي.
يشكل عباد الشمس إذن الزراعة الزيتية الرئيسية. وقد تضاءلت أهمية الفول السوداني نسبيا بسبب توجيه إنتاجه نحو الاستهلاك الغذائي عوض إنتاج الزيوت. ويقتصر السلجم الذي أدخل سنة 1982 على بعض الضيعات الكبرى العـمومية أو الخاصة، و بمـساحة قـصوى لم تتجاوز 3000 هـكتـار (سنة 1990). واقتصرت زراعة الصوجة التي أدخلت سنة 1981 في المناطق السقوية ولم تتجاوز مساحتها 12000 هكتار، وتستقر حاليا في أقل من 1000 هكتار. وانحصر القرطم دائما في مساحة أقل عن 1000 هكتار، وقد تخلى عنه المزارعون كليا بسبب مشاكل تسويق الإنتاج.
قدرت مساحة عباد الشمس في بداية الثمانينات ب 16000 هكتار مع تقلبات هامة بسبب اعتبار الفلاحين لزراعة عباد الشمس رهانا بديلا للزراعات الشتوية، في حالة الفيضانات أو الجفاف الخريفي. ثم ارتفعت المساحات مزروعة بعباد الشمس بكيفية مذهلة، خصوصا في مناطق الغرب والسايس لتصل إلى حدود 200000 هكتار سنة 1991-1992. وبعد ذلك لاحظنا تراجعا مهما لهذه الزراعة لتصل إلى 60000 هكتار في سنة 1995 (الرسم 1). كما لوحظ نوع من الانتعاش بخصوص زراعة عباد الشمس انطلاقا من سنة 1995 نتيجة لارتفاع المساحات المسقية على مستوى دوائر الغرب و ملوية ودكالة وتادلة.
يزرع عباد الشمس في فصل الربيع، على عكس السلجم والقرطم. ومن ثم ونظرا لعدم توفر السقي، تستقر زراعة عباد الشمس أساسا في المناطق « البورية الملائمة » وتوجد المناطق الرئيسية لإنتاج عباد الشمس في السايس بنسبة 32% من مجموع المساحات المزروعة، وفي الغرب واللوكوس بنسبة 56%، وفي باقي المناطق بنسبة 12%.
المحاصيل والإنتاج
تطورت محاصيل عباد الشمس قبل 1980 بكيفية غير منتظمة، بمتوسط يناهز 5 ق/هـ، تبعا للظروف المناخية ولهجوم الطيور الدورية (الرسم 2). وقد ارتفع تدريجيا متوسط المحاصيل من 1980 إلى 1990 لتصل إلى 10 ق/هـ، من جراء المجهودات الكبرى المبذولة لتطوير هذه الزراعة. وقد لوحظ تراجع واضح بعد ذلك رافقه تقلص في المساحات.
تقدر محاصيل الزراعات الزيتية الأخرى بأقل من 15 ق/هـ للسلجم ومن 10 إلى 16 ق/هـ بالنسبة للصوجة والفول السوداني، وأقل من 6 ق/هـ بالنسبة للقرطم. واكب إنتاج عباد الشمس الذي تمّ تجميعه تطور المساحات، وبلغ حوالي 12000 طن ما بين 1970و1980 بنسبة نمو سنوية تصل إلى 5,3%. وبلغت هذه الأخيرة إلى 23,2% خلال الفترة 1988ـ1992 نتيجة ارتفاع المساحات والمحاصيل. وقد بلغ متوسط الإنتاج خلال هذه المرحلة 72000 طن، مع حد أقصى قدر ب 160000 طن سنة 1990. ومنذ الموسم 1993ـ1994 أصبح إنتاج عباد الشمس يتأرجح بين 6000 و11000 طن/سنة، وفي مستوى يقل بكثير عن حاجيات الاستهلاك المحلي.
تسويق البذور
قبل تحرير القطاع، والذي تمّ بالفعل سنة 1996، أصبحت الزراعات الزيتية مقننة بشكل كبير، من حيث تحديد الأسعار والهوامش على جميع مستويات القطاع (الجدول1). يسلم المنتجون محصولهم إلى « كومابرا » بسعر تحدده الدولة. وتضع هذه الأخيرة شبكة تتكوّن من نقط الشراء في المناطق الكبرى للإنتاج وتعوض الفلاحين نقدا عند توصلها بإنتاجهم. وتستخدم نفس النقط لبيع البذور خلال شهري يناير وفبراير.
تحدد السلطات العمومية مستوى أسعار البذور الزيتية كل سنة. ولقد عرفت هذه الأسعار ارتفاعا ملحوظا خلال الثمانينات (الرسم 3)، مما شجع الفلاحين على التعاطي للزراعات الزيتية السنوية.
بعد تحرير أسعار البذور واجه الفلاحون صعوبات في تسويق الإنتاج. إذ يتم ّالتفاوض على الأسعار بين جمعية المنتجين « كومابرا » وأصحاب المطاحن. ففي الموسم الأول لهذا النظام انخفض ثمن عباد الشمس من 440 درهم/طن إلى 370 درهم/طن. وبسبب جهلهم المسبق لسعر بيع إنتاجهم، تجلى رد فعل الفلاحين بترك الزراعات الزيتية أو تقليصها.
ومنذ الفاتح من نونبر 2000 تحرر بشكل كبير قطاع الزيوت النباتية والبذور الزيتية. وأصبح سعر بيع زيوت البذور حرا مع « الاتفاق على سعر معتدل » مدته سنتان بين الدولة والمزارعين الرئيسيين. لقد ألغت الدولة الحماية بمعدلات التعريفة في الحدود، وأحدثت رسم الاستيراد حدد في 2،5 %. كما ضمنت الدولة لمنتجي البذور الزيتية جمع المحصول عن طريق « كومابرا » بسعر يناهز 400 درهم/طن، ومنحهم مساعدات مباشرة. أما أصحاب الصناعات الذين يتزودون بالبذور الزيتية في السوق المحلية تلتزم الدولة بدفع الفارق بين السعر المحلي والسعر المطبق بالخارج.
وبعد إصلاح قطاع الزيتيات وتبعا لانخفاض السعر العالمي للبذور الزيتية وللزيوت النباتية لم يرتفع سعر لتر زيت المائدة وانخفض بشكل ملموس خاصة بالنسبة للمنتوج الذي ينعت بالاقتصادي والذي يعتمد على زيت الصوجة. كما تنوع العرض في السوق مع هذا الإصلاح.
الاستهلاك و الاستيراد
ارتفع استهلاك البذور بكيفية سريعة ومنتظمة خلال العشرين سنة الأخيرة، بنسبة نمو سنوية تقدر بحوالي 4,3% (1974ـ1997). وقد انتقل هذا استهلاك من 3,5 كلغ/سنة/ساكن سنــة 1990ـ1991، مع استهلاك أكثر ارتفاعا في الوسط الحضري. وقد انخفض استهلاك زيت الزيتون من 4,98كلغ /سنة إلى 2,84 كلغ/سنة لكل ساكن. كما واكب سعر زيت الزيتون التطور العادي لأسعار السوق، بينما استقر نسبيا سعر زيت البذور (الرسم 4) الشيء الذي يجسد انخفاضا حقيقيا لسعر هذا الأخير.
إن تفضيل استهلاك زيت البذور على زيت الزيتون يعود بالأساس إلى كون زيت البذور مدعومة قصد الاستهلاك. إذ يصل سعر البيع للمستهلك إلى حوالي 8,4 درهم للتر بينما يناهز سعر التكلفة حوالي 12 إلى 13 درهم للتر.
إن الطلب المتزايد على زيوت البذور، الناتج عن النمو الديمغرافي وزيادة استهلاك الساكنة، يتمّ تغطيته أساسا بواسطة استيراد الزيوت الخام والبذور الزيتية وقد بلغ الاستهلاك الإجمالي للبلاد من زيوت البذور سنة 1997 حوالي 380 مليون لتر منها 28 مليون من إنتاج محلي، أي بعجز يناهز 93% أو بنسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى7%.
آفاق القطاع
إمكانية الإنتاج
حسب دراسة قامت بها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة سنة 1988 تقدر الإمكانية الإجمالية للمغرب من مساحات الزراعات الزيتية السنوية بحوالي 750000 هكتار في المناطق البورية، تخصص منها 17% لعباد الشمس، و36% للسلجم و45% من القرطم، و2% من الصوجة. ويبلغ مستوى الإنتاجية المقدرة لهذه الأصناف إلى 20 طن/ هكتار. وقد تمّ تقييم إمكانية الزراعة في المساحات المسقية ب 60000 هكتار موزعة بكيفية متساوية بين الصوجة والقطن.
إذا اعتمدنا على الدراسات السابقة، نجد بأن استراتيجية تنمية قطاع الزراعات الزيتية السنوية قد حددت كهدف لها ضمان الاستهلاك الوطني من الزيوت لسنة 2000 بنسبة اكتفاء ذاتي يصل إلى 70 % من حاجيات البلاد. وقد قدرت هذه الحاجيات ب 250000 منها 75 % من الزراعات الزيتية السنوية، و25 % من الزيتون. وتتعلق هذه الأهداف بالمساحة التي لا تقل عن 200000 هكتار من عباد الشمس، و50000 من السلجم، و20000 من الصوجة، و30000 من القرطم، التي يصل إنتاجها إلى 600000 طن من البذور سنويا.
بالرغم من إمكانية البلاد المهمة، فإن متوسط ما حققته الزراعات الزيتية طيلة السنوات العشر الأخيرة يصل إلى 12,5 % بالنسبة للمساحات و40% بالنسبة للمحصول. ويمكن أن تكون معيقات تحقيق جزء على الأقل من إمكانية الإنتاج ذات طابع تقني، أو اقتصادي، أو تنظيمي.
يمكن أن تعزى النتائج الهامة لقطاع الزراعات الزيتية في بداية الثمانينات إلى التأطير التقني المكثف للفلاحين (المشروع الزيتي:1987-91) وإلى السعر المعروض على المنتجين وإلى ضمان تسويق الإنتاج. يمكن أن يعود سبب تراجع المساحات خلال السنوات الأخيرة إلى عدم اطمئنان المنتجين على تسويق إنتاجهم وعلى سعره، وإلى سنوات الجفاف المتتالية و بالخصوص سنة 92-93 و94-95، التي أعطت محصولا ضئيلا جدا، وكذا إلى انخفاض سعر عباد الشمس مقارنة مع سعر الزراعات المنافسة، ومنها على الخصوص زراعة القمح الطري.
حسب دراسة أجريت في الغرب الذي يعتبر أهم منطقة للزراعات الزيتية السنوية، فإن الإبقاء على زراعة عباد الشمس بالمناطق البورية مقابل الزراعات المنافسة (فول مصري، حمص، فاصوليا، ذرة) رهين بارتفاع إنتاجيتها من 22 إلى 44%.
على المستوى التقني، تدل مجموع النتائج الزراعية المتراكمة حول زراعات عباد الشمس والسلجم بالأراضي البورية، كما تشهد الجذاذات التقنية المعدة لعباد الشمس على الخصوص، على تجميع غير كاف للمعلومات التقنية حول هذه الزراعات. يعتبر نقل هذه النتائج وكذا التكنولوجيات المرتبطة بالبذور الشتوية لعباد الشمس إلى المنتجين غير فعالة إلى حد الآن.
يمكن التحكم نسبيا في التقلبات الكبرى لمحصول عباد الشمس والتي تزداد أهمية باعتبارها زراعة ربيعية، عن طريق استعمال وسائل الري وتشجيع الزراعة الخريفية. كما ستساهم هذه التقنية الواعدة في الوقت الحالي بالنسبة لبعض الأنواع كما تشير إلى ذلك نتائج المعهد الوطني للبحث الزراعي بالأراضي البورية (الرسم 5) في توسيع منطقة زراعة عباد الشمس المحتملة. ستساهم مكننة وحصاد السلجم في تنميته، كما سيساهم التحفيز على زراعة القرطم على مستوى المناطق الجافة وشبه الجافة في تنمية هذه الجهات وفي تحقيق الأمن الغذائي.
مساهمة المسقي
تشكل تنمية الزراعات الزيتية بالمسقي أحد محاور تنمية الزراعات الزيتية السنوية بالمغرب من أجل تحسين محصولها واستقرار إنتاجها. يمكن زرع عباد الشمس بصفة عابرة بعد زراعة رئيسية دون تشويش على المناوبة الجارية. يفضل استعمال البذور الشتوية على المدى المتوسط من أجل اقتصاد في ماء الري.
أما فيما يخص الزراعة العابرة لعباد الشمس بالمسقي، فإنها تؤجل بالنسبة لموسم زراعته المعتاد. تظهر نتائج البحث بأن تأخير الزرع بالمسقي في الغرب تؤدي إلى تقليص المحصول وانخفاض في نسبة الزيوت (الجدول 2). ويرجع انخفاض المحصول إلى تقليص الدورة الزراعية.
إن تحليل الوضعية الحالية للزراعات الزيتية في الدوائر المسقية الكبرى (الغرب، ملوية، تادلة، اللوكوس، ودكالة) يبين بأن زراعة عباد الشمس هي أهم زراعة زيتية. وقد استطاعت هذه الزراعة أن تضمن استمراريتها في الغرب واللوكوس وحلت محل الصوجة مؤخرا في دكالة (1996-97) وتادلة (1997-98).
على مستوى الدوائر المسقية تعتبر زراعة عباد الشمس باستعمال الري ممارسة حديثة العهد (الجدول 3). ففي اللوكوس تزرع مجموع المساحات من عباد الشمس في الأراضي البورية. وتصل المساحات التي تم ّسقيها من عباد الشمس إلى 10000 هـ في الغرب، و3000 هـ في ملوية، و3000 هـ في دكالة، و500 هـ في تادلة، إلا أن الجفاف الذي عرفته السنوات الأخيرة حال دون تنمية شاملة لعباد الشمس على مستوى الدوائر المسقية، كما نلاحظ أن هناك تراجعا أو تخل (ملوية وتادلة). يشكل هجوم طيور الدوري عائقا في وجه تنمية زراعة عباد الشمس مادامت المساحة المحددة غير متوفرة. فزراعة عباد الشمس كما أثبتت دراسة للدائرة السقوية لملوية لا تشكل إحدى الزراعات المربحة (6474 درهم/هـ) مقابل 13000 درهم/هـ بالنسبة للشمندر و20000 درهم بالنسبة للفصة و25000 درهم بالنسبة للطماطم). إلا أن زراعة عـباد الشـمـس تدر أربحا أكـثـر مـن زراعة القـمح الطـري (4500 درهم/هـ.)
تعرف زراعة عباد الشمس بالمسقي، نقصا في المرجعيات التقنية من أجل توجيهها من حيث إنتاج الزيوت أو من حيث إنتاج حبوب الاستهلاك. ويهدف النوع الأول من التوجيه إلى رفع محصول الزيوت بينما يهدف النوع الثاني إلى محاصيل مهمة من الحبوب ذات الحجم الكبير. وقد أكدت الأبحاث السابقة على أهمية الزراعة الشتوية.
تهدف برامج تنمية زراعة عباد الشمس المسقي إلى تغطية المساحة المحتملة وتحسين المردود. وقد تبنت المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي من أجل ذلك استراتيجيات عمل تهمّ الجوانب التقنية والاقتصادية والتنظيمية. سيمكن إنجاز هذه البرامج من الحصول على مساحات ومحاصيل مهمة. وهكذا ستصل قدرة إنتاج زراعة عباد الشمس في هذه الدوائر إلى حوالي 200000 طن/ سنة (الجدول 4).
تنمية الزراعات الزيتية الشتوية
نعرض في هذا الجزء أهم النتائج المتعلقة بتجربة تهدف إلى دراسة تأثير تقديم تاريخ زرع عباد الشمس على المردود في المساحات المسقية. وقد اختبرنا في نفس الموقع كذلك تأثير تأخير زرع السلجم على المردود.
تمت هذه التجربة في ضيعة التطبيقات لمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالمكران (FAG) على الحقل S1 الواقع بالقرب من وادي سبو. وقد عرف الموسم الفلاحي 98 ـ99 الذي أنجزت فيه هذه التجربة تساقطات مطرية وصلت إلى 246 مم بين شتنبر و يوليوز.
المعدات النباتية والتجهيزات التجريبية
تمّ اختيار ثلاثة أنواع من عباد الشمس لتغطية مجموعة متباينة تخــتلف من حيث الشكل و الوراثة. ومن بين هذه المجموعات، هناك نوع جديد من السلالة النباتية ملائم للزراعة الخريفية (منار) تمت مقارنته مع نوع آخر (كريمة) ومع نوع هجين (فلوراصول). على مستوى الإبكار تعتبر كريمة زراعة بكيرة بينما تعتبر فلوراصول شبه متأخرة ومنار زراعة متأخرة. بالنسبة للسلجم فقد تمّ اختيار نوعين منه كابيل كزراعة بكيرة وباكتول كزراعة شبه بكيرة.
تم ّالاحتفاظ بتاريخ (D1 :25 دجنبر 98) للزراعة الشتوية وتاريخ (:D225 مارس99) للزراعة الربيعية.
وتعتبر القطع المنشقة الحقل التجريبي بالنسبة للزراعتين معا بأربع دورات، بحيث تطبق تواريخ الزرع في القطع الرئيسية والأنواع في القطع الثانوية.
تقديم تاريخ الزرع ومردود عباد الشمس
أظهر تحليل ظروف تغيير المحصول من عباد الشمس الاختلافات المهمة بالنسبة لعامل النوع. أما بالنسبة لعامل تاريخ الزرع وتفاعله مع الأنواع فإن التحليل الإحصائي لم يبيّن أي اختلاف (الجدول 5). غير أنه من جانب اقتصاد الماء، فإن الزراعة الشتوية تتميز باقتصاد ماء الري بسبب فعاليتها الكبيرة في استخدام الماء. بدون ري، يجب أن نتوقع ارتفاع مردود الحبوب في الزراعة الشتوية بحيث يمكن لمحاصيل الزراعة الشتوية من عباد الشمس أن تفوق مرتين إلى ست مرات محاصيل الزراعة الربيعية.
عندما نقوم بمقارنة بين الأنواع يتبين لنا أن المحصول المتوسط (التاريخان معا) يصل إلى 37 ق/هـ بالنسبة « لفلوراصول » تتبعها « كريمة » ب 33 ق/هـ ثمّ « المنار » بمحصول قدره 29 ق/هـ.
بالرغم من عدم أهمية التاريخ من الناحية الإحصائية، نلاحظ ارتفاعا بسيطا في المحصول في D2 ب 34 ق/هـ مقابل 32 ق/هـ في D1. بالنسبة لتفاعل العاملان تاريخ الزرع والنوع نلاحظ بروز علاقة بين هذين العاملين. أعطى النوع « المنار » محصولا في D1 يفوق محصوله في D2 وهو على التوالي 31 ق/هـ و26 ق/هـ، بينما حقق النوعان « فلوراصول » و »كريمة » محاصيل أفضل في D1 وهي على التوالي 39 ق/هـ و36 ق/هـ مقابل 35 ق/هـ و30 ق/هـ في D1 .
يمكننا أن نلاحظ إذن أن الأنماط الوراثية المتأخرة تتلاءم جيدا مع الزراعة الشتوية بينما تتلاءم الأنماط الوراثية البكيرة مع الزراعة الربيعية. وقد تمّ التأكد من هذه الملاحظة في الحالات المطرية.
تأخير تاريخ الزرع ومحصول السلجم
لقد مكن التحليل الإحصائي من إبراز اختلافات مهمة بالنسبة لمردود بزرة السلجم بين تواريخ الزرع. ولم يبرز عامل النوع أي اختلاف مهم. إذ نلاحظ من خلال الجدول 6 بأن محصول الأنواع يتقلص مع تأخير تاريخ الزرع. فقد حقق أول تاريخ للزرع محاصيل أكثر ارتفاعا مقارنة مع التاريخ الثاني بمعدلات (النوعان معا) 21,9 ق/هـ و16,7 ق/هـ، بالنسبة لD1 وD2 على التوالي مسجلة بذلك انخفاضا يقدر ب 24 %.
يرجع هذا الاختلاف في المحصول أساسا إلى انخفاض مدة الدورة الزراعية التي تصل إلى35 يوما مع تأخير في الزرع. وقد سجلنا كذلك تقلصا مهما في عدد النبتات/م2 المنجز في التاريخ D2. من الصعب التحكم في نبت زراعة السلجم بسبب ضعف حجم البذر. ويعتبر العدد المتراوح مابين 60 إلى80 نبتة/ م2 ضروريا من أجل انطلاق ملائم للزراعة.
يلاحظ ارتفاعا بسيطا بالنسبة للنوع « باكتول ». فقد حقق محصولا مرتفعا خلال التاريخ الأول للزرع ومحصولا مماثلا تقريبا لمحصول « كابيل » خلال التاريخ الثاني.
الخلاصة
يغطي القطاع المغربي للزراعات الزيتية وبالكاد 20 % من الاستهلاك المحلي من الزيوت الغذائية، بحيث تغطي البذور الزيتية السنوية نصف الإنتاج، وتغطي زيت الزيتون النصف الآخر. ويكلف اللجوء إلى استيراد البذور الزيتية والزيوت النباتية الخام الدولة حوالي 200 مليون دولار سنويا.
بعد مرحلة التنمية السريعة للزراعات الزيتية السنوية وخاصة عباد الشمس خلال الثمانينات، تدهور هذا القطاع فيما بعد بسبب اجتماع عوامل تقنية، واقتصادية، وتنظيمية.
إن إمكانيات المغرب من حيث الزراعات الزيتية السنوية مهمة جدا وتفوق 800000 هكتار. فعلى امتداد العشر سنوات الأخيرة، لم تتجاوز الإنجازات المتوسطة من حيث المساحة 12 % من هذه الإمكانيات.
تعتبر الدوائر المسقية مؤهلة أكثر من غيرها للنهوض بمستوى إنتاج القطاع على المدى القصير. فبالفعل تمثل المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي لدكالة والغرب واللوكوس وتادلة مساحات تقدر ب 30000 هـ مسقية، و70000 هـ بورية وذلك بالنسبة لزراعة عباد الشمس وحدها وبمحاصيل تقدر بحوالي 15 ق/هـ في الأراضي البورية و35 ق/هـ في الأراضي المسقية وبإنتاج يقدر ب 200000 طن يغطي 31 % من العجز الحالي.
ستساهم تنمية الزراعات الزيتية الشتوية في المناطق البورية كما في المناطق السقوية، سواء عن طريق تقديم تاريخ زرع عباد الشمس و/أو تشجيع زراعة السلجم والقرطم، في رفع المخزون المحلي من البذور الزيتية. وإضافة إلى هذا فمن المفروض أن تجد زراعة عباد الشمس الشتوية (بذر نونبر) مكانها بالأراضي البورية في المناطق الأطلسية بين اللوكوس وعبدة. وتشجيعا للزراعة الشتوية ذات المحتوى من الزيت والمردود الهامين، يجب أن يأخذ نظام الأداء بعين الاعتبار عنصر الجودة كما هو الشأن بالنسبة للزراعات السكرية. أتبثت التجربة التي أنجزت بالمساحات المسقية على عباد الشمس والسلجم في الضيعة التطبيقية لمعهد الحسن الثاني الزراعة والبيطرة في جهة الغرب بأن محاصيل عباد الشمس مهمة من حيث البذور الشتوية والربيعية وتفوق بكثير النوع الاصطناعي المتأخر المزروع باكرا، وعلى العكس من ذلك بالنسبة للنوع الاصطناعي المبكر. توفر زراعة السلجم إمكانية هامة من حيث الزراعة الشتوية.
الأستاذ أحمد بموح، والأستاذ أحمد بوعزيز
معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة
الدكتور محمد العسري
المعهد الوطني للبحث الزراعي،مكناس.